يبني المبدع الكبير علاء الأسواني, بهندسة فنية رائعة, وإتقان شعري محكم, واحدة من أهم الأعمال الروائية المعاصرة, التي ستصبح كلاسيكية باستمرارها ماثلة في الذاكرة الأدبية. وهي عمارة يعقوبيان الكفيلة وحدها بأن تضع مؤلفها في الصف الأول من كتاب اليوم, بعد مسيرة إبداعية مضنية وخصبة ومتفاوتة.
يكشف علاء الأسواني في هذه الرواية عن قدرة عارمة علي تخليق العوالم الكبري, وبراعة بارزة في رسم النماذج الانسانية الأصيلة, وإضاءة المناطق الحميمة في جسد القاهرة الفاحش, بجسارة فائقة, تجسد ذبذبات الضمير الخفي في المجتمع المصري بأسره خلال العقود الماضية. وهو يفاجيء القاريء ـ منذ الصفحات الأولي ـ باكتمال مشاهد الشخوص والأماكن, واكتنازها بالتاريخ الشهي المثير, حتي تبدو الكائنات والأشياء ـ وهي من صنع المتخيل الروائي ـ كأنها موجودة من قبل, ماثلة هناك, تنتظر عصا الفن السحرية كي تكشف النقاب عن حيويتها العارمة, وعراقتها الغريبة, وهشاشتها الواضحة في الآن ذاته. يقدم لك مثلا نموذج زكي بك الدسوقي ـ وهو من أقدم سكان شارع سليمان باشا ـ جاء اليه في أواخر الأربعينيات, بعد عودته من بعثته في فرنسا. وهو يشكل بالنسبة لسكان الشارع شخصية فولكلورية محبوبة, عندما يظهر عليهم ببدلته الكاملة صيف شتاء, التي تخفي باتساعها جسده الضئيل الضامر, ومنديله المكوي بعناية, المتدلي دائما من جانب السترة بنفس لون رابطة العنق. وذلك السيجار الشهير الذي كان أيام العز كوبيا فاخرا.. وجهه المتغضن العجوز, ونظارته الطبية السميكة, وأسنانه الصناعية اللامعة, وشعره الأسود المصبوغ بخصلاته القليلة, المصففة من اليسار الي اقصي يمين الرأس, بهدف تغطية الصلعة الفسيحة. ثم يقدم لك عمارة يعقوبيان الأرمني, التي تفنن المهندسون الإيطاليون في زخرفتها, وعشرات الحجرات التي أقيمت علي سطحها الفسيح, وكأن العمارة عند علاء الأسواني قد حلت محل حارة نجيب محفوظ فجعلته يرسم لك لوحة زاخرة بالألوان والدلالات لحركة المجتمع المصري في موجاته المتعاقبة الثلاث: ما قبل ثورة52, وما بعدها حتي عصر الانفتاح في السبعينيات, ثم ما أعقبه حتي زمن الرواية مطلع التسعينيات. وذلك من خلال رصد تغيرات نوعية سكان العمارة, من أرستوقراطيين الي ضباط جيش ثم رجال أعمال.
والمثير في هذا السرد أنه ينفذ عبر تجسيده لتحولات السكان الي دخيلة الضمير الوطني وما ظل يعتريه من توترات عميقة تحول دون الانسجام الحقيقي. ولن نتوقف عند اغراء المشاهد الساخنة التي يفتتح بها الكاتب رسم العروق البارزة ـ النابضة بالشهوة ـ في جسد وسط المدينة, عبر خبرة زكي بك العريضة في مقاسات النساء بكل مستوياتهن من ناحية, ولا مجتمع سطح العمارة الذي يخفي بؤسه ويحقق وجوده بالجنس ويفاخر به من ناحية أخري. ولكننا سنتوقف عند موقف سكان العمارة من طه الشاذلي ـ ابن البواب ـ الذي تفوق في دراسته وطمح الي أن يرتقي بعمله درجات, حتي ظهرت نتيجة الثانوية العامة, وحصل علي مجموع أكبر من أولاد الكثيرين في العمارة. عندئذ بدأ المتذمرون يتكلمون علانية, ويقول أحدهم إن ابن البواب قد يلتحق بكلية الشرطة ويتخرج ضابطا, فيرد عليه آخر بأن مناصب الشرطة والقضاء والأماكن الحساسة ينبغي أن تقتصر علي أولاد الناس, لأن أولاد البوابين والكوائين وأمثالهم لو أخذوا أي سلطة سوف يستعملونها في تعويض مركبات النقص والعقد النفسية التي أصابتهم في نشأتهم الأولي, ثم ينهي حديثه بلعن عبدالناصر الذي استحدث مجانية التعليم, أو يستشهد بحديث منسوب للنبي صلي الله عليه وسلم بالنهي عن تعليم أولاد السفلة.
يمزج الراوي التقليدي, المحيط بكل شيء علما, كما يقال في علوم السرد, يمزج هذه الحوارات ويحكيها بأسلوب غير مباشر, يقدم فيه رؤية الطبقة الوسطي المصرية, التي ارتفعت بأساليب ملتوية الي مستوي سكان العمارة الطبقي, بفضل مجانية التعليم التي يحملون عليها, لكنهم يدعون الآن أرستوقراطية مكتسبة, في مجتمع متحول سريع التغيير, متعالين علي أصولهم القريبة, ومنكرين علي من يقف في أول درجات السلم الاجتماعي أن يبذل جهده للارتقاء, موظفين ما يتراءي لهم من اراء سياسية ومأثورات دينية لهذا الهدف, الأمر الذي يشف عن التقلصات الخطيرة التي ما زالت تعوق الطبقات المحرومة من التطلع الي حقوقها المشروعة بالوسائل الصحيحة, ويفتح الباب لما سوف تزخر به الرواية من عرض لأشكال الإحباط والقمع والعنف والتسلل والانتهازية التي يمتليء بها مجتمع اليوم.
كل الصيد في جوف الفرا:
تعتمد الرواية في تنظيم هيكلها الضخم وتوزيع موادها الوفيرة, علي نسق التشاكل الهندسي للبناء مع التوزيع البشري للسكان, وتلعب حجرات السطوح العديدة دورا رئيسيا في تزويد السرد بعشرات القصص الفرعية الدائرة حول حيوات الشاغلين لأعلي المكان بينما يقعون في قاع المجتمع. بحيث تصبح العمارة والشوارع المفضية اليها وعاء جلديا يتم حشوه بأعداد ضخمة من شرائح المجتمع العديدة وحالات السكان الفريدة. الأمر الذي يتيح للمبدع أن يسجل بطريقة طبيعية غير مفتعلة, وبشكل درامي مثير, مظاهر التحولات العميقة في مصائر البشر والأمكنة عبر الزمن. فهو مثلا يتتبع باستقصاء عجيب تاريخ البارات وسط البلد, وعلاقتها بتطور التركيبة الاجتماعية والثقافية والجهاز الاداري لمصر في النصف الثاني من القرن العشرين, ويقدم نماذج لعشرات العاملين, خاصة العاملات, في محلات وسط المدينة, وكيف يتعين عليهن الحفاظ علي المعادلة الصعبة في الابقاء علي وظائفهن وشرفهن في الآن ذاته, مقابل ابتزاز أصحاب العمل المعهود لهن.
ويقدم بثينة نموذجا دالا للفتاة المصرية التي ورثت الفتنة والغواية والضرورة من شخصيات محفوظ في الجيل السابق, كما يتدرج مع طه الشاذلي ـ ابن البواب النجيب ـ حتي يصيبه الإحباط في حلمه بالالتحاق بكلية الشرطة, بالرغم من نجاحه في جميع الاختبارات وسقوطه المتوقع في كشف الهيئة, لأن أباه حارس عقارات وعدم جدوي شكايته الي أعلي السلطات, الأمر الذي يفضي به الي دخول كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, والانخراط من ثم في صفوف الجماعات الدينية الأصولية الناقمة علي البناء الاجتماعي بأكمله. ثم يدلف الكاتب الي صميم البنية النفسية والأخلاقية التي يقدمها فيعود ليحكي مغامرة زكي بك مع رباب فتاة البار الرخيص, وكيف سرقت بعد تخديره أثمن ممتلكاته وأهمها خاتم أخته دولت الماسي, وما ترتب علي ذلك من انفجار في العلاقة بين الأخوين التي أصبحت جحيما لا يطاق, فقد كانت دولت تعاني الوحدة والتعاسة, ويحزنها أنها تنهي حياتها بلا مكاسب أو انجازات, بعدما فشلت في زواجها, وتركها أولادها بالهجرة, وكان يستفزها للغاية أن زكي لايبدو أبدا كشيخ فان ينتظر الموت, إنه لايزال يتعطر ويتغندر ويطارد النساء. وما أن تراه وهو يصلح من هندامه ضاحكا
مدندنا أمام المرآة حتي تشعر بالحنق ولا تهدأ حتي تتحرش به وتسلقه بلسانها. كانت تهاجم تصابيه ونزواته ليس بوازع من فضيلة وإنما لأن تكالبه علي الحياة بهذه الطريقة لا يلائم ما تشعر به من يأس.
كما يعرض الكاتب لجانب طريف يتمثل في علاقات الشواذ, ويقدم نماذج غريبة لهم, محللا بطريقة سردية شيقة مصطلحاتهم وهواياتهم وملابسات وقوعهم في المحظور الأخلاقي, لكنه يتورط في حديثه عن بعضهم بتبني منظور مغلوط عن قادة الفكر والثقافة في الجيل الماضي وعلاقتهم بالغرب, فيذكر علي لسان الراوي ـ وليس بصوت أحد الأشخاص ـ كان الدكتور حسن رشيد ـ والد حاتم الشاذ ـ من أعلام القانون في مصر والعالم العربي, وهو مثل طه حسين وعلي بدوي وزكي نجيب محمود وغيرهم واحد من مثقفي الأربعينيات الكبار الذين أتموا دراستهم العليا في الغرب, وعادوا الي بلادهم ليطبقوا ما تعلموه هناك بحذافيره في الجامعة المصرية. وبالنسبة لهؤلاء كان التقدم والغرب كلمتين بمعني واحد تقريبا, بكل ما يعني ذلك من سلوك ايجابي وسلبي. كان لديهم جميعا ذلك التقديس للقيم الغربية العظيمة: الديمقراطية والحرية والعدل والعمل الجاد والمساواة, وكان لديهم أيضا ذلك التجاهل لتراث الأمة والاحتقار لعاداتها وتقاليدها, باعتبارها قيودا تشدنا الي الخلف وواجبنا أن نتخلص منها حتي تتحقق النهضة.
ولو كان هذا الرأي علي لسان أحد الشخوص لما كان في ذلك أي غضاضة, لكنه يمثل منظور الراوي القريب دائما من منظور الكاتب, وهو غير صحيح فيما يتصل بتجاهل تراث الأمة, فهؤلاء الأعلام هو الذين كشفوا عن القيم الايجابية في التراث الفكري والفلسفي والأدبي, هم الذين صنعوا ذاكرة مصر الحضارية, وهم بالفعل بناة النهضة لا دعاة التغريب.
وقد ساق الراوي هجاء حادا للديموقراطية والسلطة والدولة المدنية علي لسان خطيب الجمعة الأصولي الشيخ محمد شاكر الذي فتن طه الشاذلي وبارك تجنيده في الجماعة الإرهابية, فكان ذلك طبيعيا لأن هذا هو الخطاب الأصولي, أما أن يورد كلمات ادانة قادة النهضة في صلب حديث الراوي فهذا ما ينبغي أن يفطن له ويتفاداه المؤلف حفاظا علي رؤيته.
إيقاع المأساة المتوازية:
تمضي شخوص الرواية بعنف, مثلما يحدث في الواقع الموار الي مصائرهم المأساوية, وقد تجمعت في شعب متوازية, فالحاج عزام الذي استأجر إحدي شقق العمارة لتقيم فيها زوجته الثانية, واشترط عليها أن لا تحاول الإنجاب منه, ينجح في دخول مجلس الشعب بالتواطؤ, ويحصل علي توكيل سيارات يابانية يدر مئات الملايين باستغلال الفساد, لكنه لا يتورع بالرغم من تدينه الظاهر عن إجهاض زوجته بالقوة وتسريحها بعنف, لأنها خالفت شروطه. والشاب الأصولي يلتحق بخلية إرهابية إثر تعرضه لتعذيب يمتهن كرامته ورجولته ويلقي مصيره الفاجع خلال تنفيذه لعملية إجرامية انتقاما من الضابط الذي تصور أنه أمر بتعذيبه, وابن استاذ القانون الكبير يرتب لاشباع شذوذه مع فتي صعيدي مجند في الأمن المركزي, وعندما يتوهم أن الحياة قد طابت في صحبته بعد أن دبر له ولأسرته مقاما علي السطوح تنشب لدي الصعيدي أزمة ضمير عقب فقده لابنه الرضيع, فيشتبك في صراع مع خليله ينتهي أيضا بمصرعه. الشخصيتان الوحيدتان اللتان تنجوان من هذا المصير الأسود عند علاء الأسواني هما بثينة وزكي بك, اذ ينتهي بهما المطاف الي عش الزوجية ـ غير المتكافئة بطبيعة الحال ـ بعد لحظات درامية لا تخلو بدورها من ريح المأساة.
ومع احتشاد الرواية بالمعلومات المشاكلة لما يحدث في واقع الحياة فإن مناخ الأدب الطبيعي الحافل بالمصائر السوداء يسيطر عليها, وينفث فيها منطقا قدريا يجعل الشخوص تتحرك مجبرة في سلوكها, ويجعل القاريء مقتنعا بحتمية نهاياتها المبررة, مما يحيلها في آخر الأمر الي أن تصبح شهادة شامخة وقاسية علي تحولات المجتمع المصري في العقود الأخيرة.
قالوا عن الرواية :
جلال أمين: الرواية أصدق تعبير عما حدث في مصر خلال الثلاثين سنة الأخيرة ....يصعب علي عالم الاجتماع شرح ما حدث في تغيرات في المجتمع المصري في الثلاثين سنة الأخيرة فما بالك بعالم الاقتصاد فما حدث في الثلاثين سنة الأخيرة شيء مروع بل إننا يمكن أن نطلق عليه "تراجيديا" والبطل في تلك التراجيديا هو "الحراك الاجتماعي".
"الحراك الاجتماعي" أن هناك شرائح اجتماعية صاعدة وشرائح أخري "هابطة" والمسألة هي معدل هذا الصعود والهبوط وما ينتج عنه من توترات اجتماعية خطيرة جدا فأي مجتمع وفي أي عصر من العصور لا يخلو من حراك اجتماعي حتي العصور الوسطي الراكدة في أوروبا شهدت حراكا اجتماعيا وهنا في مصر وقبل 1952 فقد شهدت حراكا اجتماعيا فالشيخ محمد عبده مثلا كان فلاحا لكنه وصل إلي ما وصل إليه من مكانة عظيمة وأيضا سعد زغلول باشا كان فلاحا هو الآخر لكنه وصل إلي منصب رئيس الوزراء ولكن المشكلة بالنسبة للحراك الاجتماعي تكمن في شيئين قد ينتج عنهما توتر كبير وفي المراحل المتقدمة قد يؤدي إلي كارثتين الشيء الأول أو السبب الأول هو "معدل" هذا الحراك الاجتماعي أي معدل الصعود وسرعته ففي مصر وقبل 1952 كان معدل الحراك الاجتماعي معقولا لكن ما حدث في الثلاثين سنة الأخيرة شيء يصعب علينا وصفه وشرحه فقد كان معدل الحراك الاجتماعي سريعا جدا وغير معقول بل إنه سار بسرعة غير مسبوقة لا يعرفها تاريخ مصر قطعا بهذا الشكل هذا هو السبب الأول أما السبب الثاني فهو "مصدر" الحراك الاجتماعي أي ما الأسباب والعوامل التي دفعت تلك الطبقات والشرائح في اتجاه هذا الصعود؟! هل هي التنمية الصناعية أو الزراعية أو الاقتصادية التي تجعل الذين كانوا في آخر السلم يجدون فرص عمل لم تكن موجودة مثلا تدفعهم إلي هذا الصعود هل هو التعليم الذي كان أحد أسباب الحراك الاجتماعي قبل 1952؟!.
الحقيقة أن ما حدث في مصر خلال الثلاثين سنة الأخيرة منبت الصلة تماما بهذا فقد حدث الحراك الاجتماعي في تلك الفترة لأسباب ليس لها علاقة بالجهد ولا تحمل أي تضحية وهنا يحدث "التدمير" كالهجرة مثلا أو التضخم مثلما شهدنا في سنوات السبعينيات عامل نجارة يصبح بين ليلة وضحاها مليونيرا، وآخر يضع يده علي قطعة أرض ثم يأخذ تصريحا من الحكومة برشوة أو عمولات أو مضاربات وأسباب أخري كثيرة أدت إلي الثراء المبالغ فيه وعندما يأتي الثراء بهذه الطريقة وهذا الشكل ويكون مصدره غير منتج ولا يرتبط بتضحية حقيقية فإن أثاره السلوكية والأخلاقية تصبح سيئة جدا لذلك تفككت العلاقات الاجتماعية وزادت درجة العدوانية.
إن الرواية نجحت إلي حد بعيد في تصوير الأزمة المجتمعية في مصر في الثلاثين سنة الأخيرة بالإضافة إلي أن اللغة بسيطة وجذابة وتجمع بين العامية غير الرديئة والفصحي سهلة الفهم وعلي الرغم من أن الرواية بها الكثير من الجنس إلا أنك لا يمكن أن تشعر في أي موقع بالابتذال.
عادل إمام: رحبت بالقيام ببطولة "يعقوبيان" سينمائيا لأنها امتداد لأعمال نجيب محفوظ ..... إن ليس لدينا جامعات بل معاهد حكومية خالية من التفكير وأضاف بأنني كنت أقرأ كثيرا جدا وخصوصا لطه حسين والعقاد وأعتقد أن طه حسين أكثر روعة في الرواية وقرأت في المسرح وخصوصا مسرح توفيق الحكيم وبعد قيام ثورة يوليو 1952 كان هناك اهتمام كبير بالثقافة كنت تستطيع أن تشتري كتبا بقروش قليلة من سور الأزبكية كنت تستطيع أن تقرأ الأدب الأوروبي والمسرحين الروماني والإيطالي أما يوسف إدريس فأنا أعتبره أديبا معجز والأب الشرعي للقصة القصيرة وكنت أعتقد أن الرواية توقفت عند نجيب محفوظ إلي أن قرأت "عمارة يعقوبيان" فوجدتها حساسة جدا ومعبرة وشديدة البساطة لذلك عندما كلمني وحيد حامد لكي أقوم ببطولتها سينمائيا رحبت بذلك جدا.
FPRIVATE "TYPE=PICT;ALT="
يذكر أن فيلم عمارة يعقوبيان عرض يوم السبت الماضي 11 فبراير بسينما «سيتي ستار» في إطار الدورة السادسة والخمسين لمهرجان برلين السينمائي الدولي، وذلك في أول تمثيل لفيلم مصري بعد غياب 27 سنة عن هذا المهرجان الذي عرض به منذ سنوات فيلم يوسف شاهين «إسكندرية ليه» وسوف يعرض فيلم «عمارة يعقوبيان» في مصر في الأربعاء الأخير من شهر يونيو المقبل، كما حدد القائمون على عملية توزيع الفيلم أن تكلفة إنتاجه بلغت 22 مليون جنيه وشارك فيه 12نجما و120 ممثلا وممثلة في أدوار مساعدة و3000 من الكومبارس.
ومن جانبها أعلنت الممثلة اسعاد يونس، التي تتولى إدارة الشركة العربية للإنتاج الفني المسؤولة عن توزيع الفيلم، انه سيبدأ توزيعه في نهاية يونيو 2006 في مصر، إلى جانب تأمين موزعين في الدول العربية وفي أميركا وأوروبا وكندا واستراليا.
نادية لطفي : كنا نظن أن الفن الروائي قد توقف وأن هناك نوعا من الركود إلي أن قرأت "عمارة يعقوبيان" ولم أتركها إلا عندما انتهيت منها واتصلت به وعبرت له عن سعادتي بالرواية ولغتها وتمكنه من أدواته.
الأديبة سلوي بكر فقالت إن علاء قام بدور الحزب السياسي في الرواية وشرح لنا كيف تصنع الإرهاب فعندما ينعدم العدل يكون الإرهاب ومصر لديها القدرة رغم ضباب السياسة والاقتصاد والثقافة علي تخطي المحنة فإني أري أن الأزمة الحقيقية تكمن في مفهوم المواطنة والذي ـ للأسف الشديد ـ تراجع في الفترة الأخيرة.
الأديب جمال الغيطاني رئيس تحرير أخبار الأدب إنها رواية خطيرة وقد تتشابه مع الواقع وأنا معجب بكتاباته.
علاء الأسواني : الرواية هي العمل الثالث لي وكان عندي مبدأ أن أكتب بالطريقة اللي أنا شايفها والحمد لله نجحت الرواية وكان مردودها المعنوي عاليا جدا وكنت أكتب في الرواية سنتين ونصف السنة ورفض نشرها معظم دور النشر إلي أن قبلت نشرها دار نشر صغيرة وطلعت الرواية ونجحت نجاحا كبيرا.
الكاتب المصري صبري العسكري (70 عاما) أحد أشهر القانونيين الأدباء ومحامي اتحاد الكتاب والأدباء المصريين في دراسة نقدية سماها "عمارة يعقوبيان بين الإبداع والاستنساخ" عن أن رواية "عمارة يعقوبيان" الشهيرة استنسخها الكاتب والطبيب علاء الأسواني من مسرحيات الكاتب الراحل نعمان عاشور.
وقال العسكري إن أسرة صديقه نعمان عاشور لجأت إليه مشتكية مما قام به الأسواني لما اعتبرته تعديا على حق فكري وأدبي لوالدهم، موضحين أنه استغل علاقة والده الكاتب عباس الأسواني بوالدهم نعمان عاشور.
وأكد الكاتب في دراسته التي تحتفظ الجزيرة نت بنسخة منها أن رواية عمارة يعقوبيان ما هي إلا استنساخ منقول عن الإبداع الأصلي لعدد من مسرحيات عاشور، إلى درجة تطابق أسماء الشخصيات بين الرواية وأبطال وأشخاص مسرحيات عاشور.
وأضاف أن الرواية مأخوذة من مسرحيات "برج المدابغ" و"الناس اللي تحت" و"عائلة الدوغري" و"الجيل الطالع" و"سينما أونطة"، موضحا في دراسته أن أعمال نعمان عاشور تقوم على أساس الصراع القائم بين طبقات المجتمع المختلفة، وهو ما ذهب إليه الأسواني مع فارق أن نعمان عاشور كان يسعى بمسرحياته للحصول على امتيازات أفضل للطبقات الكادحة.
ويضيف العسكري أن نعمان أعطى لمسرحياته برج المدابغ عنوان كلمتين والشيء ذاته أقدم عليه الأسواني في "عمارة يعقوبيان"، مع استخدام كلمة "عمارة" بدلا من برج. كما نقل الأسواني فكرة البناء الواحد من عاشور صاحب الأولوية في كتابة مسرحيات تعتمد على البرج أو الشقة أو الفيلا مثلما في "برج المدابغ" و"الناس اللي تحت" و"عائلة الدوغري" و"الجيل الطالع".
ويدخل العسكري في جزئيات العمل ليثبت للقارئ أن شخصية رجل مثل زكي الدسوقي -وهو بطل في عمارة يعقوبيان- مأخوذة من شخصية زكي في مسرحية الليلة الحمراء والجيل الطالع ومن إبراهيم الدسوقي في مسرحية سينما أونطة.
ويقول في دراسته "وتأتي شخصية دولت في الرواية (ص 94) وقد نقلها الأسواني باسمها ومواصفاتها عن دولت أخرى في رواية برج المدابغ وهي أرملة عند الأسواني وأرملة عند عاشور وبنت باشا عند الاثنين، كما أن عاشور استعمل المواصفات ذاتها والسلوك لبطلة الناس اللي تحت بهيجة وهي الأخرى أرملة".
ويضيف أن المحامي فكري وكيل "عمارة يعقوبيان" مستعد لعمل أي شيء مقابل المال، والمحامي سعيد موسى وكيل "برج المدابغ" جاهز هو الآخر لعمل جميع ما يطلب منه"، موضحا أن اهتمام الأسواني بالفن التشكيلي ظاهر من خلال السرد كما في الصفحات 18 , 20, 108, 149، والمعروف عن عاشور أنه كان مولعا بشخصية الفنان التشكيلي في مسرحياته.
ويورد شواهد تطابق الأحداث والمواقف والعبارات لشخصيات الروايات لدى الكاتب الراحل.
وتابع العسكري للجزيرة نت أن علاء الأسواني "اغتال جميع أعمال نعمان عاشور، وهو ما حدث بالفعل في روايته الرائجة عمارة يعقوبيان"، مستعيرا في هذا العمل عنصر الصراع الطبقي وعنصر رسم الشخصيات -متطورة كانت أو غير متطورة- من أعمال عاشور.
ويختم الكاتب دراسته بالقول "كنا نود لو أمكن إخضاع حالتنا لما يسمى بالمعارضة الأدبية وهي مقبولة في الشعر، غير أنه يشترط لقبولها أن يكون المعارض قد أعلن عنها وغالبا ما يكون ذلك ضمن عنوان القصيدة كما حدث لشوقي عندما عارض نهج البردة، الأمر الذي لم يقدم عليه مؤلف عمارة يعقوبيان".
وأضاف العسكري "بقي أن ندرج أنه بين الإبداع والاستنساخ يبقى الفضل للمبدع وهو نعمان عاشور كما هو الحال للمستنسخ وهو علاء الأسواني، غير أن المبدع يبقى هو الأصل بينما يبقى المستنسخ يقف عند حدود الحاضن للعمل الأصلي وعادة ما تكون ثماره مشوبة بضعف الأنساب.. أقصد الأفكار".
يذكر أن هذه الرواية حققت نجاحا كبيرا في مصر مع بيع أكثر من 80 ألف نسخة منها منذ صدورها عام 2002, علما أن متوسط توزيع الروايات في مصر لا يزيد على 2500 نسخة حيث وصفتها الصحف المصرية بأنها أفضل عمل أدبي لعام 2002 وأشاد النقاد خاصة بشجاعة مؤلفها.
الرواية طبعت خمس مرات، والآن يعد فيلم عنها، وهذا الفيلم وهو يصور وضعت بضع دور سينما إعلانات عنه.
صدرت في فرنسا عن دار "آكت سود" للنشر النسخة المترجمة للفرنسية من رواية "عمارة يعقوبيان" للروائي المصري علاء
االتعريف بالرواية ؛ من مقال للدكتور / صلاح فضل :
ــــــــــــــــــــــــ